تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
shape
تفسير آيات الأحكام من سورة النور
92587 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ

...............................................................................


يقول بعد ذلك: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وهذا وعيد شديد لمن يحرص على إفشاء الفاحشة، الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ؛ يدخل في ذلك الذين يدعون إلى تبرج النساء؛ فإن ذلك دعاية إلى فشو الفاحشة وشيوعها، وكذلك الذين يدعون إلى سماع الغناء؛ فإن سماع ذلك مما يسبب الوقوع في الفاحشة، وكذلك الذين يدعون إلى خروج النساء وإلى اختلاطهن بالرجال وإلى مزاحمتهن، كل ذلك من أسباب فشو الفاحشة؛ فالذين يدعون إلى ذلك يدخلون في هذه الآية أي أنهم يحبون أن تشيع -يعني تنتشر وتشتهر الفاحشة- والفاحشة هنا: فاحشة الزنا أو مقدماته، وسميت فاحشة لفحشها وقبح اسمها، وقبح فعلها، تستفحشها النفوس وتستقبحها والله -تعالى- قد حرم الفواحش في قوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ .
فإذا كان الزنا مثلا خفيا فهو مما بطن، وكذلك مقدماته الظاهرة تكون مما ظهر، كالتبرج والسفور، وكذلك وسائل ذلك، وكذلك نشر الصور سواء في الصحف أو في الأفلام أو في الأشرطة ونحوها؛ إذا كانت صورا فاتنة لا شك أن ذلك كله من إشاعة الفاحشة، يدخل الذين يدعون إلى ذلك في الإثم المذكور في هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا يعني أن تفشو وتنتشر وتتمكن في المؤمنين الذين هم مؤمنون مصدقون مطيعون لله تعالى.
فالواجب أن المسلمين جميعا يحرصون على حماية أنفسهم وحماية إخوانهم من هذه الفواحش، ومن تمكنها ومن ظهورها، وأن يحرصوا على حماية وصيانة أعراضهم وأعراض إخوانهم وأخواتهم، وأن يحرصوا على صيانة المؤمنات وحفظهن عن أن يظهرهن أو يبرزن مما يكون سببا في انتشار وفشو الفواحش التي هي الزنا أو مقدمات الزنا؛ وذلك لأن ظهوره سبب للعقوبات، وسبب لكثرة الأمراض التي لم تكن في الأمم السابقة -كما ورد ذلك في الحديث- وسبب في منع الخيرات ومنع البركات، فالذين يحبون أن تشيع هذه الفواحش لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة، أي يجب أن يعاقبوا في الدنيا؛ يعاقبون بما يزجرهم وبما يمنعهم ويمنع أمثالهم إما بالتعزير والعقوبة أو الحبس، وإما بإبطال شبهاتهم، والرد عليهم وتفنيد أقوالهم وأكاذيبهم.
وقد يكون العذاب في الدنيا من الله تعالى أن يفضحهم، وأن يظهر مساوئهم، ويظهر أسرارهم التي يكنونها، والتي يكيدون بها للمسلمين، والتي يحرصون من أجلها على أن يتمكنوا من شهواتهم المحرمة، فالواجب أن يفضحوا حتى يكون ذلك من عذاب الدنيا، والله تعالى قد يعذبهم حيث وعدهم، فوعدهم بالعذاب في الدنيا وبالعذاب في الآخرة، فإن صرحوا بالقذف فإن من عذاب الدنيا الحد: الذي هو الجلد ثمانين جلدة، ورد الشهادة والحكم بفسقهم، وقد يعاقبهم الله تعالى بعقوبات ظاهرة في الدنيا إما بمرض أو فقر أو فاقة أو شلل أو مرض شديد أو خفيف أو نحو ذلك أو موت عاجل أو نقص في الأموال والأنفس والثمرات -وما أشبه ذلك- عقوبة لهم على فعلهم هذا، وعلى حرصهم أن تشيع الفاحشة في المؤمنين. عذاب الآخرة يدخل فيه عذاب القبر وعذاب البرزخ وعذاب النار يعني: ما يكون بعد الموت من أنواع العذاب.
لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ الله يعلم بحقائق الأمور، وأنتم لا تعلمون، أي أنكم أيها الذين خضتم في هذا الأمر تقولون بغير علم، والله عليم ببراءة هذه أم المؤمنين رضي الله عنها وأنتم لا تعلمون ذلك؛ فلا تقولوا إلا بعلم فالذين يقولون على الله بغير يخوضون فيما ليس لهم به علم؛ يكون ذنبهم عظيما، يدخلون في قوله -تعالى- وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ .
ثم يقول -تعالى- وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ يعني إذا عاقبكم وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ لولا أنه ستر عليكم، وعفا عنكم ورتب عليكم هذه العقوبة الدنيوية لفضحكم ولعاقبكم؛ ولكنه -تعالى- رءوف بعباده رحيم بهم.

line-bottom